السبت، 24 فبراير 2018

على شيء ما أن يحدث لاحقاً - قصائد- اندرو مايكل روبرتس





بروفة

. . . . .
هنا عظم عصفور يدعمني.
احمله  كالنظرة التي ألقيتها
 عندما أردتني عارياً
في المروج تحت النيازك.
عندما أبعدَ وركيك المحمومين السوء
و الأشجار النحيلة الى الحافة المظلمة البعيدة.
 خذيني في اكتساحة إصبع .واربطيني
بالشعر وشاهدي العقد تنفك .
هناك حيلة لكل شيء.
 أحيانا يكون عليك وضعها على لسانك
لتعرفيها من رغبتها العميقة.

سؤالي هو متى
اكون كاملاً، هل
ستنظرين الي بالطريقة الأخرى.




هذا أو شيء يشبهه

. . . . . . . . . . . . . .

هاهو صوت كعب
المطرقة والبحر
يهرب من أصداف المحار.
شخص ما يقف على أكتاف
الصدف ليسحق حياة
جميلة.  تعرفين احياناً
ما يجب فعله بالضبط.

بين الضربات يسكن صمت.
 في المتناول ، كلبة حبلى
 تستلقي في الأمواج.
جزر مظلمة في البعيد،
غرابان يختالان في شجرة التنوب الميتة.

هذا الحجر في يدك
بحجم جماجمها.

يمكنك أن تحسي برئتيك وتعرفين
أنك ما زلت حية .على شيء ما
أن يحدث لاحقاً . 

بتحديقه
يرسم نصف القمر  البحر
مثل عاشق ويجعلك
تبدين صغيرة كما أنت.


درّاج يمر يحمل تشيلو على ظهره

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نجيء بطيورنا
إلى المقاهي في أقفاص لُعب.
يُقذف بعض الفتات
بين القشور فيما نجلس.

تقوم بكل الكلام.
وعندما نذهب نترك دائماً

رشفة من الشاي في الكوب.


خراف

. . . . .
نسي الاله. انه ترك المكواة تعمل واحترقت مدينتك الجميلة  حتى تسوت بالارض. يمسسك الإله فتصيرها .
وحيداً في صحراء من رماد هي لعبة صعبة الفوز.
قاعدة البيت لهب ودخان. ذات مرة قال الإله الجوع .
ذات مرة قال تباً، كيف لنا أن نخبره
أننا ادركنا ذلك لوحدنا.
أنا انتظر، ايها الإله ، بطيخة . قل رمانة .
 قل مدينة ، قل ضلعاً  . ارماديلوا يتشمم قدمي. درعه
ولا شيء آخر. لنرفعه كمرآة.
اقربه من أذني مثل صدفة. يضعَ الاله المحيط
في صدفة الارماديلو. فتصلصل بعظام الحيتان. أتذكر المياه،

ولكن كل الصبار أسود. كل الرمال زجاج تحت الرماد، بحر ساكن دفين.
ينزل الاله من السماء كعنكبوت. أستطيع أن أشعر به.
إنه في كل مكان، يتحسس إبهامه.
اعتقد أنه بانتظاري.


قصة لحيتي

. . . . . . . . . . .
في لحيتي، حديقة مقطورة،
سياج إعصار، غابة.
مكبات نفايات دببة نحيلة
تتسلل  لتنبش فيهاخلال الليل.
تصبّ مخالبها الشرر و المصابيح،
          عظام خنازير وعلب البخاخات التي يأكلونها
و يفجروها. في لحيتي، دبابات جيش.
رعد المدفعية المضادة للطائرات.
كل شيءأزرق من أجهزة التلفاز بالمقطورات

الجنود الزرق والطيور الزرقاء تبني أعشاش في برميل لا تزال فاترة.
في لحيتي،الأطفال هم لاشيء.
يتركون دراجاتهم مكدّسة
في الشارع. ويفرون الى الغابة

 ليلعبوا حرباً داخل الحرب. الرصاصات الزرقاء

 تمرق من أوراق الكرز البري.

 القاعدة الرئيسية هي دب منفجر
  يستعد ليُضربَ بالعصي.
البيت جحر ثعلب حُفر خلال الجذور.
تل أزرق من التراب تراكم حول شفتها.

في لحيتي، من أعلى، غابة
 من الخنادق المظلمة. بداخل كل منها
كالبذرة، طفل ينام في انتظار أن يُقبّل ويسوى غطائه.

آلات الآخرين

. . . . . . . . . .
         ذو الشارب
          لا أولاد له

هو قاسٍ
في الحافلات.

وعندما يدوس
الفرامل

يصرخون .


متحف الشتاء

. . . . . . . . . . .

على أحد الجدران
نافذة.

لا شيء بالخارج هناك
سوى ثلوج خفيفة

تتجمع  في أشكال
أسمائنا.




ما نعرفه

. . . . . . .

ألم نكن نحن الأبطال الخارقين، المتعجرفين ،مرتدوا الأبيض في الثلج الرطب،

نتحدى متأبطي الذراعين

العاصفة الثلجية  التي لا تقهر

حتى  صاح الأوز ..نصف مدفون،
ونصف نائم في تلال مزدوجة
بهدوء من تلة إلى تلة
كما لو كان إجابة
من دفء اليقين التام
لوجوده.


اللحظات التي قبل تحطمها هي الأوضح

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
استيقظت بدونك والايغلو[1] يبدو أكثر برودة. استطيع النظر من حفرة المدخل ولكن لو كانت كامل
صور الأرض الدائرة كمغزل  فأنا لا أريد أن أعرف.
            لدي أحزمتي ورؤاي لك
           نائمة في جلدك الصيفي تحبين القلب العميق لبراري الحشائش الطويلة.
          لدي دببة قطبية و عمى الثلوج .
لديك غروب الشمس
يضرب الغربان الصامتة القزحية .
عندما تتلاشى في جمالها  الخاص الجديد.
و جوقة الضفادع تبتدأ،هل تعتقدين أني
أظنك تفكرين بي؟

أنا اخبرك. إن كان لي طير قطرس
سأتركه يحملني  كرسالة
إلى التيار النفاث تماماً مثلما يلتهم التدفق المسنن
قشور حبنا الفارغة . كنت ستعرفيني من لمسة الجليد على لسان الريح.

كنت ستنتظرين مع باقة

 من الريش الأسود وبقية قصتنا

لا تزال دافئة على شفتيك.

الصدفة

. . . . . . .
تدوّم الكمنجات كالنحل فينا

تخون ترحيبنا الحلو والمر.

ندخن مثل إشارات
من الاحتكاك والأشياء
تبدأ بالهطول .

بالنسبة لنا، الطيور تسقط
إلى الوراء من فروعها،

غطاءُ صفيرٍ  لقلبٍ-
يدق لدفن المحبة.

هذه الليلة، النيازك.
لاحقاً، البحر،
اوتارنا الصغيرة تغني
لتدهش
الحيتان العاشقة .

دش آمن

. . . . . . . .
غطاء رأسي
             واقٍ ذكري
تمددَ فوق رأسي.

نحن جاهزون،
                     هي
تضع قصبة التنفس
                  وأجنحة
          مائية وردية .


[1] كوخ الاسكيمو المقبب

الثلاثاء، 20 فبراير 2018

دانيال خارمس - مشاهد من حياة الشاعر ورسالتين الى صديق فيلسوف .




[مشاهد من حياة الشاعر، ورسالتين إلى صديق فيلسوف]

عن كيف زارتني الرسل

     قرع شيء ما في الساعة ثم جاءتنى الرسل . لم أدرك على الفور أنهم قد وصلوا . ظننت في البداية أن الساعة تعطلت. ولكن هأنا آراها تواصل العمل،بكل الاحتمالات،وتبيّن الوقت الصحيح. ثم أدركت أن هناك تياراً في الغرفة. فتساءلت: أي نوع من الظواهر هو أن تكون ساعة تعمل بشكل خاطئ و تيار في غرفة، ويمكن أن تعملا معاً كسبب؟ كما ظننت. كنت جالسا على كرسي بالقرب من الأريكة و أنظر الى الساعة. وكان عقرب الدقائق على التسعة وعقرب الساعات بالقرب من الأربعة : وبالتالي كانت الساعة الرابعة إلا ربعاً. تحت الساعة كان هناك تقويم تُنزع أوراقه،و كانت صفحات التقويم تصطفق وكأن رياحاً قوية تهب على الغرفة. كان قلبي يخفق وكنت خائفاً أن أفقد الوعي.
-  علي أن أشرب بعض الماء . – قلت .على نهاية الطاولة بجانبي كان هناك ابريق ماء.  مددت ذراعي وأخذت الإبريق.
- قد يساعدني الماء ،- قلت  وبدأت أنظر في الماء.
     ولكني هنا أدركت أن الرسل قد أتتني، و لم أستطع تمييزهم عن الماء. كنت أخشى أن أشرب الماء، لأني و بالخطأ قد أشرب الرسل. ماذا يعني ذلك؟ ذلك لا يعني شيئا. يمكن شرب الشيء السائل فقط . ولكن حقاً، هل الرسل سوائل؟ وهذا يعني أنني يمكن أن أشرب الماء دون داع للخوف. لكني لا أجد الماء. بحثت عنه في جميع أنحاء الغرفة. حاولت أن أدس شيئاً في فمي، ولكنه لم يكن ماءً. لقد دفعت بالتقويم في فمي - لم يكن ماءً أيضا. قلت ليذهب الماء الى الجحيم وبدأت أبحث عن الرسل. ولكن كيف لي أن أجدهم؟ كيف يبدون؟ تذكرت أني لا أتمكن من تمييزهم عن الماء وهو ما يعني أنهم يبدون وكأنهم الماء. ولكن كيف يبدو الماء؟ وقفت هناك أفكر. لا أعرف كم وقفت هناك مفكراً، ولكني ارتجفت فجأة .
هاهو الماء! - قلت لنفسي.
لكنه لم يكن الماء، وكان ببساطة أن أذني بدأت تحكّني.
     بدأت أنبش تحت الخزانة وتحت السرير، معتقداً على أقل تقدير أن أجد هناك ماءً أو رسولاً . ولكن كل ما وجدته تحت الخزانة في الغبار كانت الكرة التي قد مضغها كلب، وتحت السرير بعض شظايا الزجاج.
تحت الكرسي وجدت شريحة لحم نصف مأكولة. أكلتها وشعرت أني أفضل. الآن توقفت الرياح تقريبا ، في حين أن الساعة تدق بهدوء مظهرة الوقت الصحيح:  الرابعة الا ربعاً.
 - حسناً ،هذا يعني أن الرسل قد غادروا بالفعل - قلت لنفسي وبدأت تغيير ملابسي متجهزاً للخروج في زيارة.

22 أغسطس 1937

الجمعة، 2 فبراير 2018

مغادراً محطة اتوشا - رواية للشاعر الأمريكي بن ليرنر





1
             اشتملت المرحلة الأولى من بحثي على الاستيقاظ صباح أيام الاسبوع في شقة العلية المفروشة بالكاد، وهي أول شقة وقع نظري عليها بعد وصولي إلى مدريد، أو السماح بأن يوقظني ضجيج لا بلازا سانتا آنا، فاشلاً في الاستيعاب التام لذلك الضجيج في حلمي، ثم أضع على الموقد الصديء آلة الإسبرسو وألف سيجارة بينما انتظر تناول القهوة. عندما تجهز  أفتح الكوة، التي كانت كبيرة بما فيه الكفاية بالنسبة لي كي ازحف من خلالها إذا وقفت على السرير، كي أشرب الاسبريسو وادخن على السطح متطلعاً الى الساحة حيث يتجمع السياح مع أدلائهم على الطاولات المعدنية و يعزف لاعب الأكورديون كعادته. في البعيد : القصر وخطوط طويلة من السحاب. تالياً يتطلب مشروعي تمرير نفسي مرة أخرى من خلال الكوة، وأن ادخل الحمام، أخذ دشاً ، وحبوبي البيضاء، وارتدي ملابسي. ثم سأجد حقيبتي، التي تحتوي على طبعة ثنائية اللغة من قصائد مختارة للوركا،كراستي ملاحظاتي ، قاموس الجيب، وكتاب جون أشبيري قصائد مختارة، والمخدرات، وتذكرة لبرادو.
             أسير نزولاً من شقتي الى كالي دي لاس هيرتاس، اومئُ إلى عمال النظافة في الشارع بزيهم الأخضر الليموني ، أعبر إل باسيو ديل برادو، وأدخل المتحف، بتعريفة لم تكن سوى بضعة يوروهات بعد ابراز هويتي كطالب دولي، وامضي مباشرة إلى الغرفة 58، حيث اضع نفسي أمام لوحة روجر فان دير وايدن النزول عن الصليب. كنت أقف عادة امام اللوحة في غضون خمسة وأربعين دقيقة من استيقاظي، وبالتالي فإن الحشيش والكافيين والنوم لا تزال تتصارع في نظام جسدي وانا اواجه الشكل الذي كان بالحجم الطبيعي تقريبا وانتظر التوازن. السيدة العذراء تسقط  إلى الأرض ابداً مغشياً عليها . الزرقة في ردائها غير مسبوقة في اللوحات الفلمنكية. وضعيتها تقريباً صدى مطابق لوضعية يسوع. نيكوديموس ومساعد آخر يحملان جسمه فاقد الوزن على ما يبدو في الهواء. C.1435. 220 × 262سم. اللوحة بالزيت،  على كسوة من خشب البلوط.
         نقطة تحول في مشروعي : وصلت صباح أحد الايام الى فان دير وايدن لأجد شخصاً قد أخذ مكاني. كان يقف بالضبط حيث كنت أقف عادة وللحظة كنت مروعاً، كما لو كنت أشاهد نفسي وأنا  اتأمل اللوحة، على الرغم من أنه كان أنحل وأكثر قتامة مني.انتظرته أن يتحرك، لكنه لم يفعل ذلك. وتساءلت عما إذا كان قد لاحظني أمام اللوحة و ما إذا كان يقف الآن أمامها على أمل رؤية كل ما كان يجب أن أراه. كنت غاضباً وحاولت العثور على لوحة آخرى لطقوسي الصباحية ، ولكني كان معتاداً جداً على أبعاد اللوحة والزرقة التي فيها كي اقبل بديلاً عنها . كنت على وشك مغادرة الغرفة 58 عندما انهمر الرجل فجأة بالبكاء، ممسكاً انفاسه بتشنج. تساءلت هل كان، يواجه الجدار لإخفاء وجهه فيما يتعامل مع أيا كان الحزن الذي جلبه إلى المتحف؟ أم انه يختبر تجربة عميقة في الفن ؟
           كنت قلقاً لفترة طويلة من أني لم أكن قادراً على الحصول على تجربة عميقة في الفن وكنت أجد صعوبة في الاعتقاد بأن أي شخص استطاع ذلك، على الأقل أي شخص ممن عرفتهم . كنت أشعر بشك عميق نحو الناس الذين ادعوا أن قصيدة أو لوحة أو مقطوعة من الموسيقى قد "غيرت حياتهم"، خاصة وأني كنت غالباً ما أعرف اولئك الناس قبل وبعد تجربتهم و لم اتمكن من تسجيل أي فارق. على الرغم من ادعائي بأني شاعر، وعلى الرغم من أن موهبتي المفترضة ككاتب قد انالتني زمالة في اسبانيا، فقد كنت اميل إلى أن أجد سطور الشعر جميلة فقط عندما اصادفها مقتبسة في النثر، في المقالات التي اسندها الي أساتذتي في الكلية، حيث يتم استبدال نهايات الاسطر بالخط المائل، بحيث أن ما يتم نقله كان أقل شعراً تحديداً من صدى الإحتمال الشعري. وبقدر ما كنت مهتماً بالفنون، فقد كنت مهتماً بالانقطاع بين اختباري للأعمال الفنية الفعلية والمطالبات المقدمة نيابة عنها؛ وأقرب ما كنته إلى اختبار تجربة عميقة من الفن ربما كان في تجربة هذه المسافة، التجربة العميقة لغياب العمق.
        بمجرد أن هدأ الرجل، الأمر الذي استغرق دقيقتين على الأقل، قام بمسح وجهه ومخط أنفه بمنديل ثم اعاده إلى جيبه. عند دخوله الغرفة 57، التي كانت فارغة باستثناء حارس طويل ضامر يغالب النعاس، سار الرجل على الفور إلى صورة نذرية صغيرة للمسيح منسوبة إلى سان ليوكاديو[1]: السترة الكهنوتية الخضراء،الروب الأحمر، والتعبير عن الحزن العميق. تظاهرت أني مهتم بلوحات أخرى في حين اختلس النظر الى الرجل فيما  هو يعاين اللوحة الصغيرة . لوقت طويل ظل هادئا ثم أطلق تنهداً عميقاً . نقل ذلك الحارس الى حالة من اليقظة و التقت عيوننا ، عيناي تقولان أن هذا حدث في المعرض الآخر، الحارس واصل تثبته لتحديد ما إذا كان الرجل مجنوناً - ربما يكون من النوع الذي من شأنه أن يضر باللوحة، قد يبصق عليها أو يقوم بتمزيقها عن الجدار أو يخدشها بمفتاح أو  ربما كان الرجل يختبر تجربة عميقة في الفن. خرج المنديل وذهب الرجل بهدوء إلى الغرفة 56، وقف أمام حديقة المسرات الدنيوية[2]، تأملها بهدوء، ثم فقد تماماً اعصابه. هناك الأن ثلاثة حراس في الغرفة - الحارس الهزيل من غرفة 57، المرأة القصيرة التي تحرس دائما الغرفة 56، والحارس العجوز بشعره الفضي الطويل الذي لابد انه  قد سمع آخر الانفجارات من القاعة. وكان واحداً أو اثنان آخران من رواد المتحف في الغرفة 56 مستغرقان في جولاتهم الصوتية وغائبين عن المشهد الذي يتكشف أمام بوش.

              ماذا يفعل حارس المتحف ، فكرت في نفسي. من هو حقاً حارس المتحف؟ من جهة أنت عضو في قوة الأمن المكلفة بحماية المواد التي لا تقدر بثمن ،من المجانين أو الأطفال أو قوة التآكل البطيئة لومضات الكاميرات. من جهة أخرى أنت مقيم بين الإنتصارات المفترضة للروح وإذا كان لوضعك أي مكانة فهى تستمد بالضبط من الإعتقاد بأن مثل تلك الإنتصارات يمكن أن تدفع بشكل مشروع أي رجل الى البكاء . كانت هناك بعض الشفقة في تردد الحراس، الحراس الذين يقضون الكثير من حياتهم أمام اللوحات الخالدة ولكن يُسألون دوماً فقط عن كم الساعة الآن، متى يقفل المتحف ابوابه ،[3] dónde esta el baño. لم أتمكن من مشاركة الرجل جذله، إذا كان هذا هو ما كان عليه، ولكنني وجدت نفسي متأثراً بمعضلة الحراس: أعليهم أن يطلبوا من الرجل أن يدخل إلى القاعة وأن يحاولوا التأكد من قواه العقلية، مفسدين بلا شك تجربته العميقة ، أم هل ينبغي أن يخاطروا بترك هذا المجنون المحتمل طليقاً بين كنوز ثقافتهم، مخاطرين دون شك، بوظائفهم من بين أمور أخرى، ؟ لقد وجدت أداءهم الصامت بين هذه التوترات أكثر تأثيراً في النفس من أي من لوحات الشفقة[4] او البشارة[5] او النزول[6] ، وشعرت وكأني أحد رفاقهم ونحن نتعقب الرجل من معرض لمعرض. ربما كان الرجل  فناناً، فكرت. ماذا لو كان لا يشعر بالنقلات التي يقوم بها، ماذا لو كانت المشاهد التي ينتجها تهدف إلى إجبار المؤسسة لمواجهة تناقضها في شخص  هؤلاء الحراس. كنت أفكر بشيء من هذا القبيل، حين اعترت الرجل نوبة أخرى من البكاء و توجه بهدوء للمخرج الرئيسي للمتحف. تفرق الحراس شاعرين، في ما بدا لي، بالراحة أكثر من شعورهم بالحزن، ووجدت نفسي أتبع هذا الرجل، هذا الفنان العظيم، خارج المتحف الى يوم  خارق الإشراق




[1] كان بابلو دا سان ليوكاديو أو باولو دا ريجيو (10 سبتمبر 1447 -  1520) رساما إيطاليا من ريجيو إميليا، وكان معظم نشاطه في إسبانيا.
[2] هي العنوان الحديث للوحة التي رسمها الفنان الهولندي هيرونيموس بوش ، وهي توجد في متحف ديل برادو في مدريد منذ عام 1939. ويعود تاريخها بين 1490 و 1510، عندما كان بوش بين 40 و 60 سنة.
[3]  أين هو الحمام .
[4]  الشفقة هي عمل من منحوتات عصر النهضة للفنان مايكل أنجلو بوناروتي، ويقع في كاتدرائية القديس بطرس، مدينة الفاتيكان. وهو الأول من سلسلة من الأعمال من نفس الموضوع من قبل الفنان. تصورالسيدة مريم العذراء وهي تمسك بجسد السيد المسيح المسجى على ركبتيها.
[5] البشارة هي لوحة لفناني النهضة الإيطالية ليوناردو دا فينشي وأندريا ديل فيروشيو، والتي يرجع تاريخها إلى حوالي 1472-1475. وهي توجد في معرض أوفيزي فلورنسا، إيطاليا.
[6] النزول هي لوحة زيتية للرسام الإيطالي رافاييل  اوربيناس من عصر النهضة.عام (1507)"، اللوحة في غاليريا بورغيز في روما.ومثل العديد من الأعمال تشترك مع عناصر موضوع نزول المسيح عن الصليب.اللوحة على لوح من الخشب وبقياس 184 × 176 سم.

المشاركات الشائعة

مشاركة مميزة

  كافكا - حكم تسوراو 1 المسار الصحيح يكون على طول حبل، ليس حبلاً معلقا في الهواء، بل حبلاً ممدداً على الأرض. وهو يشبه سلك ا...