الخميس، 8 سبتمبر 2016

كلاريس ليسبكتور - نفحة من حياة.




كلاريس ليسبكتور: نفحة من حياة
(نبضات)

       هذا ليس رثاء، انه صرخة طائر جارح. طائر قزحي الألوان وضيق الصدر. قبلة على وجه الميت.
أنا أكتب كما لو كان لإنقاذ حياة شخص ما. ربما كانت حياتي الخاصة . الحياة هي نوع من الجنون يصنعه الموت. فليحيا الموتى لأننا نعيش في نفوسهم.
فجأة الأمور لم تعد بها حاجة لتُفهم. انا راض عن الوجود. و أنت؟ بالتأكيد أنت كذلك.  اللامعنى في الأشياء يجعلني ابتسم  برضا. كل شيء بالتأكيد يجب أن يمضي في الكون على ما هو عليه.
اليوم من لا شيء. ينقضي بحسرة. أيمكن أن يكون هناك العدد الذي هو لا شيء؟  والأقل من الصفر؟ الذي يبدأ عندما لا تكون هناك بداية لأنه كان دائما موجوداً ؟ وكان قبل دائما؟ أنا اتبرعم في هذا الغياب الحيوي وأنا شاب مرة أخرى، محتوىً  وكاملاً على حد سواء . مستديراً دون بداية أو نهاية، أنا النقطة قبل الصفر، قبل القاطعة في نهاية الجملة . من الصفر إلى ما لا نهاية أمشي دون توقف. ولكن في الوقت نفسه كل شيء يزول تماماً . أنا كنت دائما، وبنفس السرعة لم أعد. يمتد اليوم على طوله بلا هدف في الخارج وهناك هاويات من الصمت في داخلي. ظل روحي هو جسدي  . وجسدي هو ظل روحي. هذا الكتاب هو ظلي. عفوا، هل لي أن أمرّ واتجاوزك ؟ أشعر بالذنب عندما لا أطيعك. أنا سعيد في اللحظة الخاطئة. غير سعيد عندما يرقص الجميع. لقد سمعت أن المقعدين تفرح تماما كما كنت قد سمعت أن المكفوفين يمكن أن يكونوا سعداء. لأن الناس غير الراضين يعوضون ذلك بطريقة أو بأخرى.
لم تكن الحياة ضاجة أبداً  كما هي عليه اليوم: على بعد سمك شعرة من المستقبل. الوقت بالنسبة لي يعني حل المسألة. وتعفن العضوية وكأن الوقت دودة تسرق من الثمرة لبها . الوقت لا وجود له. ما نسميه الوقت هو حركة تطور الأمور، ولكن الوقت نفسه لا وجود له. أو كان موجودا بصورة راسخة والى الوقت ننقل أنفسنا. الوقت يمر بسرعة كبيرة جدا والحياة قصيرة جدا. ولذلك - ولتجنب ابتلاعي من شراهة ساعات العمل والأخبار التي تجعل الوقت يهرع منقضيا  - أنا أكاثر مللاً معيناً . ذلك كيف يتاح لى تذوق كل دقيقة كريهة. وأكاثر أيضا الصمت الخاوي  لخلود جنسنا البشري. أريد أن أعيش عدة دقائق في غضون دقيقة واحدة. أريد أن اعدد نفسي كي استولى حتى على المناطق الصحراوية التي توحي بالجمود الأبدي. في الابدية الوقت غير موجود. الليل والنهار متعاكسان لأن كلاهما وقت، ولا يمكن أن نقّسم الوقت. من الآن فصاعدا، الوقت سيكون دائما اللحظة الراهنة. اليوم هو اليوم. أنا مذهول، وفي الوقت نفسه أشك بأنني قد أعطيت الكثير. وغدا سوف و لمرة أخرى سيكون لدي  اليوم. هناك شيء مؤلم ولاذع في عيش اليوم. كفجأة أعلى وأشد نوتة لكمان لحوح . ولكن بعدها هناك العادة وخدر العادة .  وخز النحل في اليوم المزهر الذي هو اليوم. الحمد لله، لدي ما يكفي من الطعام. خبزنا اليومي.
أردت أن أكتب كتابا. ولكن أين هي الكلمات؟لقد استنفدت كل المعاني. مثل الصم والبكم نتواصل  بأيدينا. أردت الحصول على إذن لكتابة نتف من كلمات فيما ترافقها قيثارة ريفية. وان استغني عن كوني  مستطرداً . مثل هذا: التلوث.
هل أكتب أم لا؟
أن تعرف متى تتوقف . سواء بالتخلي  - وهذا غالبا ما يكون السؤال الذي يواجه المقامر. لم يعلّم أحد فن المغادرة . والكرب من تقرير ما إذا كان ينبغي علي الاستمرار في اللعب لا يكاد يكون غير عادي. أسوف أكون قادرا على الابتعاد بشرف؟ أو أني من النوع الذي ينتظر بعناد حدوث شيء ما؟ شيء من قبيل، على سبيل المثال،نهاية العالم؟ أو كل ما قد يكون، ربما   موتي المفاجئ ، وفي هذه الحالة قراري بالتخلي سيكون خارجاً عن السياق .
أنا لا أريد التسابق  مع نفسي.  تلك حقيقة. ما الذي يصير حقيقة؟ أيجب أن أكون مهتماً  بالحدث نفسه؟  هل تنازلت نحو  ملء هذه الصفحات  بمعلومات عن "الحقائق"؟ أيجب أن أخترع قصة أو هل اطلق العنان لالهامي الفوضوي؟ هناك الكثير من الإلهام الكاذب. وهل  عندما يأتي الإلهام الحقيقي  قد لا أدركه ؟ هل سيكون مرعبا جدا أن ترغب في الاقتراب من الذات الشفافة بالداخل؟ نعم، عندما لا تعود الذات موجودة ، و لا تعود لها أية مطالب، و تنضم إلى شجرة الحياة - وهذا ما أناضل من أجل تحقيقه. أن ينسى المرء نفسه ومع ذلك يعيش بشكل مكثف جدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

مشاركة مميزة

  كافكا - حكم تسوراو 1 المسار الصحيح يكون على طول حبل، ليس حبلاً معلقا في الهواء، بل حبلاً ممدداً على الأرض. وهو يشبه سلك ا...